اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/rasael/622.htm?print_it=1

سلسلة " لنحيي قلوبنا"

يحي سليمان العقيلي


بسم الله الرحمن الرحيم


تذكرت حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم :"الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله الاوهي القلب "(متفق عليه)


الحلقة الاولى : لماذا القلب ...؟


- لأن القلب السليم هو الذي ينفع يوم القيامة ،قال تعالى:"يوم لاينفع مال ولابنون ِإلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" وهو السليم من الشرك والنفاق
- لأن صلاح القلب صلاح للبدن والجوارح جميعا للحديث السابق
- لأن القلب موطن العقل والتذكر والاتعاظ ،قال تعالى :إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد" وقال تعالى"وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ {179}
- هو موضع نظر الله تعالى ،قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله لاينظر الى أجسامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم"(مسلم)
- القلب موطن الايمان او الكفر،قال تعالى:"أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه " وموطن الانابة او الاعراض وهو محل القبول او الطرد"أولئك الذين يعلم الله مافي قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا"
- القلب موضع النية التي هي اساس القبول والحكم على الفعل :"وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ماتعمدت قلوبكم "
- موطن السكينة والطمأنينة للمؤمنين "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" واليه يحتكم المؤمن للحكم على المتشابه ،ففي الحديث :"البر مااطمأن اليه القلب وإن أفتاك الناس وأفتوك".
- لأن القلب سريع التقلب فقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"
* لأجل هذا وجب على المؤمن أن يولي عناية كبيرة ودائمة بقلبه ، يعلم أدواءه وآفاته فيتجنبها ،ويفقه مايحيي قلبه وينقيه ويشافيه فيلتزمه.
** لذلك كانت هذه السلسلة التي نتعرف فيها على انواع القلوب وصفاتها وأحوالها ،ونتعرف على أمراضها وآفاتها، ونعلم علامات حياة القلب وسلامته، وأعراض أمراضه وأسبابها ، ثم نختمها بذكر وسائل حياة القلوب .

 



الحلقة الثانية : انواع القلوب


القلوب على اربعة انواع :
1-  القلب الميت :
وهو الخالي من الايمان بالله وتوحيده، هو قلب الكافر المنافق الذي غلفه الكبر ،وتكرر وصفه بالقرآن بأوصاف عديدة منها الران "كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون"، ومنها الغلف " وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا مايؤمنون " ومنها أكنّة " وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا اليه" ومنها الطبع " فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ". وهذا القلب لانفع فيه ولاسبيل للايمان اليه طالما حجبه صاحبه بالكبر .
سماه القرآن بالختم وبالطبع وبالرين .قيل لابن عباس :ان اليهود تزعم انها لاتوسوس في صلاتها فقال: ومايصنع الشيطان بالقلب الخرب ؟

2-  القلب المريض:
هو القلب الذي فيه اصل التوحيد وبذرة الايمان ولكن تغلبت عليه امراض الشهوات والشبهات ، فتجده مستجيبا لدواعيهما من البدعة والفسوق والشهوات المحرمة والفتن ومن امراض القلب من الحقد والحسد والكبر وبغض الصلاح والصالحين والفة المنكر .
اما نداء الايمان فيه فضعيف أثره لايكاد يردعه عن معصيه او يدفعه لطاعة الا النزر اليسير، "فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ومايعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ومايذّكر الا أولوا الالباب ، ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب.."

3-  القلب المتقلب:
وهو القلب الذي فيه ندائين وقوتين ودافعين نداء الايمان وقوة الدين ودافع التقوى من جهة ،ونداء المعصية وقوة الشهوةالمحرمة ودافع الفسوق والحسد والكبر ،فهو في صراع وحرب مستعرة يميل لدواعي الايمان والبر والتقوى اذا قويت دواعيها في قلبه في مواسم الطاعة او عند الموعظة فيستجيب لله ولرسوله صلى اله عليه وسلم ، واذا غفل وخالط الفسقة وابتعد عن مواطن الذكرى والعلم والجماعة تردى في اوحال الشهوات ، وهذا الوضع يصوره قول الحق :" وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً " وقوله :"ونقلب أفئدتهم وأبصارهم"، وفي الحديث عند احمد:"قلب المؤمن أشد تقلبا من القدر في غليانها " ،وكان اكثر قسم النبي صلى الله عليه وسلم :"لا ومقلب القلوب"
و الحديث "تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين: قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه، و قلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السماوات و الأرض. "
والحديث الاخر " إن للشيطان لمة بابن آدم ، وللملك لمة : فأما لمة الشيطان ، فإيعاد بالشر ، وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك ، فإيعاد بالخير ، وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك ، فليعلم أنه من الله ، فليحمد الله ، ومن وجد الأخرى ، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ : { الشيطان يعدكم الفقر ويأمر بالفحشاء } (حسن غريب: الترمذي). وتأثير البيئة والصحبة والعادة والفراغ كبير في هذا التردد.

4-  القلب الحي:

هو القلب السليم الحي الصحيح المعافى من امراض القلوب ،سلم من امراض الشبهات والشهوات توحيده صاف، وايمانه عميق، وعبوديته متحققة،، استنار قلبه بنور الايمان، وعمر بالتقوى، واستضاء بأنوار المحبة والخشوع والانابة والاخلاص لله تعالى،، واطمأن بالتوكل على الله والاستعانة به والرجاء برحمته ،،يؤثر رضا الله على شهوته،، ويستجيب لامر الله على هواه،، يأنس بذكر الله وتلاوة كتابه والاقبال عليه وعبادته والتذلل بين يديه،، حُبب اليه الايمان وزُين في قلبه، وكرُه اليه الفسوق والعصيان .: سئل الجنيد : عن محبة رب العالمين فأطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال عبد ذاهب عن نفسه متصل بذكر ربه قائم بأداء حقوقه، ناظر إليه بقلبه، أحرقت قلبُه، عظمته و هيبتِه فإن تكلم فبالله وإن نطق فعن الله وإن تحرك أو سكن فبأمر الله فهو بالله ولله ومع الله فبكى القوم وأجهشوا بالبكاءوقالوا: ما على هذا مزيد..
وصاحب هذا القلب يهنأ بطيب العيش في الدنيا ونعيم الجنة في الاخرة ،
 



الحلقة الثالثة : علامات مرض القلب وأسبابها


كما أن القلب المادي له علامات على مرضه يستدل بها على مرضه في الفحوصات الطبية ،كذلك الامر للقلب المعنوي له علامات وأعراض تدل على مرضه عليه أن يبادر لعلاجها قبل ان يتمكّن المرض فيموت القلب (مثال : الرجل العجوز الذي انكر عليه بوبدر أخذه للربا وان رجله متدليه في القبر فقال :أعطني الربا واقذفني في القبر ، فمات بعج أسابيع قليلة) .

علامات وأعراض مرض القلب :


1- اتباع المتشابه من القرآن :لأنه لايقصد الوصول للحق بل يفتش عن مايؤيد باطله ويبرر شهوته وضلاله ،أما الراسخون في العلم فيقولون آمنا به كل من عند ربنا.
2- النفاق: وهو ان يبطن الزيغ والفسوق والكفر ويظهر الايمان والصلاح لدواع عدة.
3- التمرد على أحكام الشرع: قال تعالى :" وإذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا اليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون " روي أن منافقا اسمه بشر كانت بينه وبين يهودي خصومة فدعاه اليهودي للتحاكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى وقال: إن محمدا يحيف علينا فلنحتكم كعب الاشرف ،فنزلت الايات ، وجاء التعقيب بعدها بقوله تعالى:"إنما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون"(51 النور)
4- الطمع في المعصية والرغبة اليها والاستجابة لدواعيها:
قال تعالى:"يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا"
5-  الرياء وفساد النية : نتيجة ضعف ايمانه بالله واليوم الاخر تضعف دواعي الرجاء بما عند الله ،ورقابة الله في قلبه ،وتقوى دواعي حب المدح والثناء من الناس وطلب الدنيا من وراء عمله. أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً {
6-  اتباع الهوى : لعدم مجاهدة النفس فيصبح مريض القلب عبدا لهواه ، قال تعالى:" أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ {23}
7-  طول الامل : فلا يذكر ولايحب ان يذكر الموت والاخرة،"وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ {21}
8-  قسوة القلب والجرأة على الله: لايتأثر بموعظة ولا بآية ولابحدث مؤثر ولايرق قلبه لصدقة او يتيم او مسكين (مثال : من قال لايسعدني ان يتعلم ابنائي القرآن ) ،وسبب القسوة البعد عن ذكر الله ، قال تعالى:"فويل للقاسية قلوبهم من ذكرالله" ،قال مالك بن دينار:"ماضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وماغضب الله على قوم الا نزع الرحمة من قلوبهم "
9-  الحسد والحقد: الحديث "إياكم والحسد فان الحسد يأكل الحسنات كم تأكل النار الحطب"(ابوداود)
10-  بغض الصالحين
11-  اليأس من رحمة الله : "يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {87}
12-  والكبر ومكابرة الحق: "كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار " وقال سبحانه:"قلوبهم منكرة وهم مستكبرون "
13-  لايتدبر القرآن : قال تعالى :"أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها" تليت الاية امام شاب من اليمن اما الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: بل على قلوب اقفالها حتى يكون الله يفتحها ، فوقعت في نفس عمر فاستعان به بعد خلافته
 



الحلقة الرابعة :علامات القلب الحي


1- الانابة السريعة لله تعالى: "هذا ماتوعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب " (موقف ابي لبابة بعد ان أشار الى حلقه لليهود فربط نفسه بسارية المسجد)
2- سلامته من الحقد والغل والحسد : هو القلب المخموم "عن عبد الله بن عمرو، قال: قِيلَ لرسولِ الله: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ".قالوا: صدوقُ اللسان، نعرفُه. فما مخمومُ القلبِ؟ قال: " هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ. لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ". (1) وفي ذلك يقول إياس بن معاوية: " كان أفضلهم عندهم، يعني الماضين، أسلمهم صدراً وأقلهم غيبة". (4) -  رضي الله عنهم - .ولهذا كان من دعاء النبي: " وأسْألُكَ لِسَاناً صَادِقاً وَقَلْباً سَلِيماً" (

3- مطمئن لأمر الله وقدره: "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم لذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب" وقال سبحانه :" ومن يؤمن بالله يهد قلبه" يهديه للايمان بقضاء الله وقدره والرضا به "هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع إيمانهم"

4- ومن علامات صحة القلب أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة: ويحل فيها حتى يبقى كأنه من أهلها وأبنائها، جاء إلى هذه الدار غريبا يأخذ منها حاجته، ويعود إلى وطنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمر"كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل". لأن القلب الحي يشتاق للموطن الاصلي وهو الجنة

فحى على جنات عدن فإنها *** منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبى العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونسلم

5- ومن علامات صحة القلب أنه لا يزال يضرب على صاحبه حتى ينيب إلى الله ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المحب المضطر إلى محبوبه، الذى لا حياة له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا برضاه وقربه والأنس به، فبه يطمئن، وإليه يسكن، وإليه يأوى، وبه يفرح، وعليه يتوكل، وبه يثق، وإياه يرجو، وله يخاف.

6- ومن علامات صحة القلب أن لا يفتر عن ذكر ربه، ولا يسأم من خدمته، ولا يأنس بغيره، إلا بمن يدله عليه، ويذكره به، ويذاكره بهذا الأمر."والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما"

7- ومن علامات صحته أنه إذا فاته وِرْدُه وجد لفواته ألما أعظم من تألم الحريص بفوات ماله وفقده.كان الصحابة يعزون من فاتته صلاة الجماعة

8- ومن علامات صحته أن يكون همه واحدا، وأن يكون فى الله"قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"،قال صلى الله عليه وسلم: (من كانت الآخرة همه جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا راغمة، ومن كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له)(ابن ماجة باسناد صحيح).

9- ومن علامات صحته: أنه إذا دخل فى الصلاة ذهب عنه همه وغمه بالدنيا، واشتد عليه خروجه منها،ووجد فيها راحته ونعيمه، وقرة عينه وسرور قلبه.

10- ومن علامات صحته: ان تكون لديه حساسية من الذنوب الصغيرة فضلا عن الكبائر ،ففي الحديث: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ” إن المُؤمنَ يَرى ذَنبَهُ كأنَّهُ في أصل جَبَل يَخافُ أن يَقَعَ عَليه وإنّ الفاجرَ يَرى ذُنوبَهُ كَذُباب وَقَعَ عَلى أنفه فقال لَهُ هكذا ” رواه الترمذي وأحمد" . ويتحلى صاحبه بالورع والتنزه عن الصغائر فضلا عن الكبائر

11- ومنها: أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل، فيحرص على الإخلاص فيه والنصيحة والمتابعة والإحسان، ويشهد مع ذلك منة الله عليه فيه وتقصيره فى حق الله.قال تعالى:"ويؤتون ماآتوا وقلوبهم وجلة أنّهم الى ربهم راجعون،أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون "

12- وبالجملة فالقلب الصحيح: هو الذى همه كله فى الله، وحبه كله له، وقصده له، وبدنه له، وأعماله له، ونومه له، ويقظته له، وحديثه والحديث عنه أشهى إليه من كل حديث، وأفكاره تحوم على مراضيه ومحابه، والخلوة به آثر عنده من الخلطة إلا حيث تكون الخلطة أحب إليه وأرضى له، قرة عينه به، وطمأنينته وسكونه إليه
 



الحلقة الخامسة : كيف نحيي قلوبنا ...؟


الحل والعلاج الشامل الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم من استوصاه:"قل آمنت بالله ثم استقم"
وعلى التفصيل :
1- تعاهد القرآن الكريم تلاوة وتدبرا وحفظا:
قال تعالى:" وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين" فهو يزيل الجهل ويبدد الشك وينير القلب لاستقبال الهدى والرشاد، كما انه طارد للشيطان مبدد لوسوسته ،وخاصة في ترداد بعض آياته وسوره: كآية الكرسي والمعوذات والفاتحة.وقصة توبة الفضيل معلومة عند سماعه قارئا يقرأ:"ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق"

2-  كثرة الذكر :
ففيه تذكر الله جل وعلا ،وهذا أساس الفلاح وقوة القلب وحياته ،"واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون" والحديث :" سبق المفردون ،قيل :وماالمفردون ؟ قال:" الذاكرين الله كثيرا والذاكرات" وهناك الاذكار المخصوصة في اليوم والليلة ومنها مارواه ابو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك ) )* البخاري
والحديث :"لاتكثروا الكلام بغير ذكر الله فان كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب ، وان أبعد الناس من الله القلب القاسي"(الترمذي) "مثل الذي يذكر ربه والذي لايذكره كمثل الحي والميت"

3-  الاستجابة لأوامر الله :
قال تعالى :"ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله ورسوله اذا دعاكم لما يحيكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه اليه تحشرون"

4- تذكر الموت :
هو الذي يرقق القلب ويخشعه فتخف وطأة الكبر والشهوات ويستعد للقاء الله ، ففي الحديث :" كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها فإنها تذكر الاخرة"

5-  طلب العلم وسماع المواعظ :
قال تعالى :" قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم" والحديث :"اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ، قيل :ومارياض الجنة ،قال: حلق الذكر "(رواه الترمذي –حسن- )

6- ترك مواطن الغفلات :
" وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ " وقال تعالى:" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً {140}

7- التوبة والاستغفار:
" ومن تاب وعمل صالحا فانه يتوب الى الله متابا " وقال سبحانه:" وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {135}،كان يحصى لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة يقول:" اللهم اغفر وتب علي إنك انت التواب الرحيم"

8- الاحسان للخلق ومسح رأس اليتيم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال: امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين. (رواه أحمد بإسناد حسن)

9- صحبة وملازمة الصالحين : " وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّه،ُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً {28}

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية