اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/wahat/allabban/34.htm?print_it=1

الرجوع إلى الوطن بعد طول غياب

عبد القادر اللبّان

 
بمناسبة رجوعي إلى بيروت بعد هجرة دامت حوالي سبعة عشرعام تكلمت بهذهالقصيدة عن
شعوري وانطباعي وعن مدى شوقي لهذا الوطن الحبيب عند وصولي إلى أجواء بلدي لبنان

الرجوع إلى الوطن بعد طول غياب

رَجـعـتُ إليـكَ بـعـد طُـولِ غِـيــَاب --- وبعـد ضَـيـاعٍ وتَـمَـزُقٍ وعَـــذَاب
سبعًاً وعشراً ًمـن السنيـن قَضَـيْتُهَا --- بإيـلامِ نَـفْـسٍ وَتَخَـاصُمٍ وعِـتـَاب

ألــوم نفسي لعمـرٍٍ قـد ضـاعَ منـي --- فسألتهـا عنـه ، فلـم أفـز بجـواب
أمَا كاَنَ أَحْـرَى أنْ أَعِشْ فِي مَوْطِنِي --- منعماً وَأَ تفَيَءُ فِي ظِـلاَلٍ لَهُ وَقِبَـاب

فأيامهــا قـــد عـــدٌدتـها بأصــابـعٍ --- ولياليها أحييتـهاْ وأحصيتها بحسـاب
كـم جبالٍ وبحورٍ عدّيّتها وعبرتها --- وحضارات مُدنٍ قابلتها وزرتها وبلاد

فلـم أَجــد فـي غيـر وجهــك حُـسنـاً --- ولم يكن غير ودٌك ملجـأً وصحـاب
بيروت لـدٌيَ . . عروس المدائـن كلهـا --- تجمّلت بزيّنةٍ وارتدت أجمل ثياب

فأنـت كالروح في جسدي وان فارقتها --- لَقَضـى عليهـا حُــزنا وعــاد تــراب
بيـروت ، يا بلـدَ الوفـاءِ تـقـبـلي ابنًا --- غــابَ عنـك ويرجــو إليـك مــآب

فَكَانَ كَنَسرٍٍ شَاخَ، فَشـرد عـن سربـه --- فهوى فَأصبح غراباً وليس عِقــَاب
فَـآنَ لَـهُ أَنْ يَثُــوبَ وَيهتــدي --- إلى ملاذٍ يُريحه من متاعب وصعاب
===========
فَعـادَ كَفـَرَخِ خائـفٍ يؤوب لعشهِّ --- أَو كسيفٍ أُعيدَ بعد حربٍ لِقــراب
فَبَانتُ لنا أَطْلالُكِ مِنْ بَيْنِ الغُيُـوم، --- وكنا نتهاوى ببطء فلامسنا الهضاب

وَترَاءت على شَواطئكِ عروس تتهادى --- كأمواجٍ تتداعى بدلال وتباهٍ وعُجاب
وينابيع تجري بزهو فتُغرّد وتُغنّيٍ --- كزقزقة طيرٍ يبحث عن طعامٍ وشراب

وبساتينكُ الغنَّاءُ تَرتديُ جلباباًأخضراً --- يَجُـوب فيهـا الطيـر مجيئـاً وذهــاب
ويعـبـق مـن روائحـكِ أَريـجٌ عاطــرٌ --- لونـهُ كوهـجِ نـارٍ أُوْقـِدَ مِنْ ثِـقــَاب

فقــتِ يوســف بصبــاه،جلالاً وحسنًا --- وتجَلٌيت فَكُنتِ كَمَلَكٍ وقـورٍ وَمُهـاب
ولقـد سـرقت مـن البـدور جمـالهـا --- فكنــت آيــةً مــا أُنــزلـت بكـتـاب

فحسبـت وكأَنّّني بُعثّـتُ فـي جنــة --- مــن جنــان الخلــد في يوم الحسأب
وتخيّلت حُـورَعِينٍ يُرافقُهّن ملائكة --- يتبخترنَّ وليس بينينا ستر وحجاب

ورأيت أَحبَّـة لي يتدافعـون لرؤيتي --- وهُـم في زَحمـةٍ ، فتَخطـو الرقـاب
وأَنّي قدمت إليهـم وبشوقٍ عانقتهم --- أَكـانَ هـذا وهــمٌ ويمضي كَســراب

آه، بيروت، رجعت إليكِ فلم أُصدّق --- أّهوَ حقيقة أّمْ حلمٌ مُخـادعٌ كَــذَّّاب
ربّي إنْ كان حقّاً، اجعلني أَصحو سرمداً --- وإنْ كان حلماً،دعني في سُبات أَحقاب

 عبد القادر اللبَّان "لندن" 01-05-2000

 

عبدالقادر اللبّان
  • إسلاميّات
  • حكمة
  • وجدانيّات
  • وطنيّات
  • مقالات
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية