اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/wahat/husseen/38.htm?print_it=1

مِن أحلامِ جَدّتِهِ

حسين بن رشود العفنان


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ اللهِ

{مِن أحلامِ جَدّتِهِ}

***

ــ غدًا العِيدُ ..!!

لونتْ هذهِ الكلمةُ وَجْههُ ، ودفنتْ النَّفَسَ فِي صَدرهِ ، ولو تراهُ لقلتَ : كأنَّه السَّاعةَ أهالَ التُّرابَ عَلى حَبيبٍ ، فتأفّفَ وألقى سَمعَهُ على قَطَراتِ المَطرِ التي تُداعبُ النَّافذةَ ، وكأنّه يلتمسُ منجاةً لذاتِهِ مِن هذهِ الدَّوامةِ ..!!

لم تتعجبْ زوجُهُ مِن رَدّةِ فِعلهِ وتقلبِ مِزاجِهِ، فهذهِ عادتُهُ مُنذُ سَنواتٍ ، مُنذُ أنْ قطعَ الصِّلةَ بأقارِبهِ وهجرَهُم ، لم يستطعْ أنْ يُعيدَ المَحلَّ ، كانَ الجَشعُ جاثمًا عليهِ ، يريدُ أن يَدعمَ تِجارتَهُ التي كبتْ ، أخذتهُ العزةُ بالإثمِ ، حِينَ طلبَ خالدٌ ابنُ عمّهِ حصّتهُ ، لم يرحمْ توسلاتِهم وأقسمَ ألا يَروا شيئًا ، صَرخَ فِي أبنائِهِ : قَاطِعوهُم فإنّهم أعداؤُكُم ، وكمْ عَنّفَ ولدَهُ الأكبرَ (عَبدَ المجيدِ) حِينَ عَلمَ أنّ له اتصالاتٍ بِهم ، حَرمه من الجَوال ومن أشياءَ أخرى ، وجعله عبرةً بينَ إخوتِه..
ثمَّ تنهدَ وَقالَ لنفسِهِ :

ــ كمْ أغبطُ جارَنَا عَبدَ الرَّحمنِ ، إنّي أرى فِي وجهِهِ العيدَ كما خُلقَ ، يَضيقُ بَيتُهُ فِي كلِّ سنةٍ بأقاربِهِ وأصدقائِهِ ، يتبادلُ الأحاديثَ والهدايَا مَعهم ، وحينَ أراهم يَحفونَهُ وهو مُتجهٌ إلى المَسجدِ أشعرُ برغبةٍ فِي البُكاءِ...!

ثمّ تذكرَ أنّ هذا كانَ حُلمًا جَميلا مِن أحلامِ جدّتِهِ دُفنَ مَعها..فصرخَ :
( هُم السَّبب..هم السَّبب..هم السّبب!! )

فأفاقَ عَلى رُعبِ زَوجِهِ وَهي تلحظُهُ بِنظرةٍ مُشفقةٍ ..!!

أحسّ بالحَرجِ ، بحثَ عَن رِيقِهِ فلمْ يَجدهُ ، فتأفّفَ وألقى سَمعَهُ عَلى قَطراتِ المَطرِ التي تُداعبُ النَّافذةَ وكأنَّه يَلتمسُ مَنجاةً لذاتِهِ مِن هذهِ الدَّوامَةِ ..!

 

حسين العفنان
  • عَرف قصصي
  • عَرف نثري
  • عَرف نقدي
  • عَرف مختار
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية