صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







يظنون ( قصص قصيرة جدا )

حسين بن رشود العفنان ، السعودية

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

(1)
***
يظنون أن خلعها لزوجها قبل سنين كان تقصيرا ظاهرا فيه ، وبخلا ولؤما وقلة رجولة ، والحق كان بسبب حبها الشديد للكمال وبحثها عن زوج كالملائكة لا يخطئ ، عن زوج يقتل نفسه من أجلها!

(2)
***
يظنون أن هذا البيتَ المنيف ، نعيمٌ على صاحبه ، وسبب من أسباب سَعْده وتوفيقه ، لكنه كان في الواقع سبب تكبره وهجران أهله وبعد أصحابه وعذابه ووحدته.

(3)
***
يظنون أن عبوسه في وجوههم ، وتَرْكَ السلام عليهم ، كان كِبرا وترفعا ، وسوء طبع وخلق ، لكنه في حقيقة أمره كان في صراع نفسي ، واضطراب عقلي ، وماض أسود كالح!

(4)
***
يظنون أن سخريته المتتابعة ، وتعليقاته الضاحكة ، خفة روح وبَدَاهة وحضور فكر ، لكنها لم تكن سوى صوت دامع من أصوات انهزامه وتكسره.

(5)
***
يظنون أن ثناءه الكبير على نفسه ، وكثرة تعداده لفضائله ، ثقة وقوة ومعرفة ذات ، لكنه كان حرصا شديدا على ستر هشاشته ، ودفن ماضيه المليء بالخيبات!

(6)
***
يظنون أن سفراته المتتابعة إلى الدول الأوربية الخضراء ، ترفا ونعيما وسعة مال وبال ، لكنه كان يبحث عن علاج يعين جفنه على إغفاءة تعيد له قَرَارَته المسلوبة منذ زمن !

(7)
***
يظنون أن ابتسامته المشرقة ، وكرمه المتتابع ، وانشراحَه للمعروف ، طبعٌ في جذوره ، لم يصنعه يوما ، لكنه كان خوفا من غضبهم وهِجرانهم.

(8)
***
يظنون : أن زهده بالزواج ، وقطع الحديث فيه ، وإسكات ناصحيه ، بسبب علاقات محرمة تورط فيها ، لكنه كان أثرا بليغا من آثار الحرب الفكرية التي زرعتها أمه وأخواته في قلبه عن النساء وكيدهن!

(9)
***
يظنون أن صمت أبنائه وأدبهم الجم ، من تعبه في تربيتهم ، وجهده في إصلاحهم ، لكن إطراقهم لم يكن إلا نتاج صراخه وتهديده وتخويفه ومواعظه حتى غدوا أصناما أمامه وأمام الناس.

(10)
***

يظنون أن زواجه الصامت الذي أتم عشر سنوات كاملات ، ، كان زواجا ناجحا مباركا ، لكنه في عَجَاجَةٍ لا تسكن ، وفي شقاء لا يُتمنى لعدو ، وعيبه الخفي أنه يخشى التخلص من العلاقات السيئة المؤلمة !

(11)
***
يظنون أن الهم لا يعرف دروب قلبه ، بسبب إشراقة بسمته ، وبرودة أعصابه ، وكثرة مروياته الضاحكة ، لكنهم لم يشعروا ساعة بأن في دواخله حمم بركانية قاتلة !

(12)
***
يظنونه بعد تغيير اسمه ونحت جسمه و تبديل عمله ، رجلا متفردا مبدعا ، لا يصبر على الأنماط القديمة ، لكنه كان يحارب بألم وحش فراغه وغياب ذاته الذي كان ينهشه منذ فجر طفولته!

(13)
***
يظنون أنه يبحث عن الحق ، يدخل في حوارات كثيرة ، وتحمر وجوه في إقناعه ، وتتصاعد التوترات في مجالسه ، لكنه في الحقيقة كان يحاور من أجل الحوار ليملأ وقت فراغه ويدفع ملله ، وحين يخرج ينسى حتى اسمه !

(14)
***
يظنون أن تأخر زواج أبنائها ، من حرصها الشديد في التنقيب عن زوجات صالحات ، لكن الحقيقة الخفية أنها تعتقد في أعماقها أن أبناءها كأثاث بيتها ملكٌ لها وحدها.

(15)
***
يظنون أن كثرة أصدقائه ومعارفه بسبب رحابة صدره ، وبياض قلبه ، وطلاقة يده ، لكنه في الحقيقة كان ملولا سريع النقمة ، سريع الغضبة ، يستبدلهم في طرفة عين ، إن أحسنوا وإن أساؤوا !

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
حسين العفنان
  • عَرف قصصي
  • عَرف نثري
  • عَرف نقدي
  • عَرف مختار
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية