صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







استقطاب المتطوعين

د. يحي إبراهيم اليحي


مقدمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فالعمل التطوعي مزروع في صدور أفراد الأمة المسلمة منذ ولادتهم ونعومة أظفارهم، ولا يزال أكثر أعمال الأمة عبر تاريخها تطوعيًا ابتغاء الأجر من الله تعالى. ولا أعلم أن مسلمًا في الأرض إلا وعنده استعداد في التطوع في الخيرات، لكن كيف تستطيع الجهات الخيرية تنظم تطوعهم وتكسبهم لصفها، هذا ما أردت أن أعالجه في هذه الورقة.

إن مما يتحتم على الجمعيات الخيرية السعي في تفعيل العمل الخيري في الوسط الذي تنشط فيه، وبرمجة التعاون الجزئي وسعة الأفق في فهم وإدراك أسلوب الاستفادة من جميع طاقات المجتمع، ومشاركة الجميع فيه، والعمل على استقطاب أكبر عدد ممكن من المتطوعين؛ إذ إن مقياس رقي الجمعيات برصيدها البشري من المتطوعين.

والإسلام جاء بتشغيل جميع طاقات المجتمع في العمل الخيري، الغني والفقير، القوي والضعيف، فبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن فعل الخير ليست وسيلته المال فحسب، بل كل ما ينفع الناس في أمر دينهم ودنياهم من عمل الخير.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَيُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ».

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنْ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ».

ووجه القرآن الكريم المسلمين إلى فعل الخير بوجه عام، ووصف المسلمين بالسبق والمسارعة إليه، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الحج:77).

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة:148).

{يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} (آل عمران:114).

{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (المائدة: من الآية48).

{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (الأنبياء:73).

{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (الأنبياء:90).

{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (المؤمنون:61).

وقد أخذ الغرب بالمسارعة إلى التطوع أكثر من المسلمين في هذا العصر حيث بلغ المنتمون إلى الجمعيات بالملايين، ففي إحصائيات سنة 1994م جاء عدد المتطوعين في أمريكا في الأعمال الخيرية كالتالي:

- تطوع 94.2 مليون شخص، وهو يمثل 33% من عدد السكان تقريبًا.
- معدل ما تطوع به الفرد 4.2 ساعة أسبوعيًا.
- مجموع عدد ساعات التطوع: 20.5 بليون ساعة.
- معدل ساعات التطوع توازي عمل 9 ملايين موظف.
- قيمة الوقت المتطوع به 176 بليون دولار أمريكي …

خطة عمل في استقطاب المتطوعين

1. تعريف التَطَوُّع:
لغةً: تَفَعُّلٌ من الطاعة، وتَطَوَّعَ كذا: تَحَمَّلَه طَوْعًا، وتَكَلَّفَ استطاعته، وتطوع له: تكلّف استطاعته حتى يستطيعَه، وتطوع به: تَبَرَّعَ به فلم يلزمه ولكنه انقاد مع خيرٍ أحبّ أن يفعله، ولا يقال هذا إلاّ في باب الخير. (انظر المفردات، الصحاح، أساس البلاغة، معجم مقاييس اللغة).

واصطلاحًا: التطوع: تحمُّلُ المؤمنِ فعلَ خيرٍ غيرِ واجبٍ عليه، راغبًا فيه، مُتبرِّعا به، من ذات نفسه. (انظر: تفسير ابن جرير 2\52، 10\194، وتفسير القرطبي 2\183، وتفسير الرازي 4\161، النهاية في غريب الحديث 3\142. وكتب اللغة السابقة).

2. الأعمال التي يتطوع بها: علمية، مالية، حرفية، إدارية، فكرية، وبالجاه.

3. أقسام وأنواع المتطوعين:
* منهم المتطوع بماله: صدقات، تبرعات، قروض، مشاركات في شركاته، تنمية مال.
* ومنهم المتطوع ببدنه: مراسلات، حرف، تحميل، حراسة..
* ومنهم المتطوع بجاهه: شفاعات، علاقات...
* ومنهم المتطوع بوقته: كل يوم، ساعة في اليوم، ساعة في الأسبوع، في المواسم، عند الطلب والفزعات..
* ومنهم المتطوع بفكره: تقديم رأي صائب، استشارة، بحث، استبانات، دراسات، إحصاءات، خطط، نقد، تقويم...

4. أساليب جذب المتطوعين:
* اختيار الثقات والمحبوبين للناس في مجلس إدارة الجهة الخيرية.
* أسلوب عرض أهداف وأعمال الجهة الخيرية متوافقًا مع المستجدات الحديثة.
* الترغيب: بالأجر والثواب عند الله، وانعكاس ذلك في البركة في وقته وماله وولده.
* الترهيب: التخويف من سلب الإمكانات المتوفرة الآن بين يديه، سبق الكفار إلى العمل.
ومن ذلك إبراز إحصائات عن عدد الجمعيات التنصيرية وعدد المتطوعين بها ونشرها في الجمعية.
* إبراز النتائج العملية للعمل الخيري.
* توثيق العمل الخيري من أهل الفضل والعلم والمكانة.
* إتقان العمل.
* وضوح الأهداف والمهام لدى المتطوع.
* إعداد ملف شامل لكل راغب في التطوع يشتمل على معلومات شاملة عن المنشئة.
* حسن استقبال المتطوعين، واختيار من يقوم بمهمة استقبال المتطوعين ممن يتوفر فيهم اللباقة وحسن الكلام وجمال الأسلوب ولطافة المعشر وبشاشة الوجه...
* مخاطبة المتطوعين ببرامج معدة كلٍّ على حسبه.( وذلك برسم برنامج استقبال متكامل على حسب فئات ومكانة المتطوعين)

 5. وسائل الاحتفاظ بالمتطوعين:
* فهم شخصية المتطوع ومعرفة أحواله ومراده ونفسيته وتخصصه وميوله.
* إيجاد عمل يناسب تخصصه وميوله ووقته المُتَطَوَّعِ به.
* تهيئة الموقع المناسب لعمله.
* الثقة به: ومن ذلك استشارته، والأخذ برأيه الصائب، وإشراكه في الاجتماعات.
* تكرار تذكيره وتحفيزه بفضل عمله وأهمية جهده.
* نسبة العمل له.
* رفع الأعمال الإجرائية عنه (البيروقراطية).
* استيعابه وسعة الصدر له والابتسامة في وجهه والاستماع إليه.
* غض الطرف عن زلاته ومعالجتها بأسلوب حسن.
* موافاته بالتقارير المفصلة عن آثار تطوعه.
* الثناء والشكر والدعاء له.
* إيجاد مكتب خاص يهتم بالمتطوعين وتقديم الخدمات اللازمة لهم ومتابعة أحوالهم ومطالبهم.
* ينبغي أن يتمتع القائم على مكتب التطوع بنفسية إسفنجية يمتص جميع الصدمات والكدمات ويتحمل أخطاءهم.
* تدوير المسؤوليات الإدارية والفنية بين القائمين على الجهة الخيرية.

6. كيف تطرد المتطوعين عن منشأتك (أسباب تسرب المتطوعين):
* لو كنت فظًا لانفضوا {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: من الآية159).
* إضعاف الجانب الاحتسابي لديهم وذلك بترك تحفيزهم به.
* المزاح مع من لا يناسبهم ذلك.
* لا تُدرِّبْهم ولا تُطوِّرْهم ولا تشعرهم بتطور خبراتهم.
* قَلِّلْ من التذكير لهم.
* أَكْثِرْ من الروتين والأعمال الإجرائية في المؤسسة.
* فلتعمّ الفوضى في المؤسسة.
* أَحْرِجْه في البقاء في غير وقته.
* أَثْقِلْ كاهلَه بالأعمال والأوامر..
* لا تُراعِ نفسيتَه.
* كن غامضًا في برامج المؤسسة.
* ضعه مع شخص لا يناسبه.
* ضعه في مكان غير مناسب له.
* أكثر من الدعاوي الكاذبة عن تعدد أعمال وأنشطة مؤسستك.
* اسْلِبْه من الصلاحيات التي تخدمه في عمله.
* كن شديدًا ودقيقًا في محاسبته.
* فلتكنْ إدارتُك مركزيةً في الصغير والكبير.
* تخوّفْ من التطوير.
* إياك والإشادة بعمله. أو إشعاره بأهميته في العمل.
* احرص على الإداريين السيئين.
* فَضِّلْ بعض المتطوعين على بعض دون أسباب معلومة.
* هَمِّشْه ولا تهتم به ولا تُبالِ به.
* إن فعلْتَ كل ذلك هرب منك المتطوعون بل والإداريون والمؤسسون وأنت معهم.

 7. عوائق العمل التطوعي:
عوائق نفسية: سوء الظن بالمؤسسة أو القائمين عليها، الخجل والحياء، الخوف الوهمي، تعظيم النفس، استصغار النفس، المثالية المفرطة، الظن بأن المجتمع كله متطوع مع المؤسسة وليست بحاجة إليه.

عوائق بيئية: أن يكون الموقع بعيداً، أو في مكان مزدحم، أو صعب الوصول إليه، أو لا توجد عنده مواقف كافية، أو يكون ضيقًا أو باردًا أو حارًا.

عوائق اجتماعية: كأن يكون القائمون على المؤسسة من فئة معينة فقط، أو من طبقة اجتماعية واحدة، أو نظرة دونية للمؤسسة من قبل المجتمع، أو قصر الجهة الخيرية خدمات العمل الخيري على فئات محدودة.

عوائق اقتصادية: ضعف الدخل عند أفراد المجتمع، عدم وجود وسيلة نقل لدى المتطوع، عدم وضع بنود واضحة لنشاط المتطوع مما يحمله على الدفع من جيبه الخاص.

عوائق فكرية: تفاوت الثقافات بين القائمين على الجهة الخيرية وبين فئات المتطوعين في المجتمع، اختلاف المناهج الدراسية.

عوائق أمنية: عدم معرفة اللوائح، كثرة التشويش على الجهات الخيرة من أجهزة الإعلام، ترويج الفكر الأوربي عن الجمعيات الخيرية.

عوائق إدارية: محدودية البرامج التطوعية المطروحة، ضيق الأفق في تحديد معنى العمل الخيري، ضعف برمجة العمل الخيري حسب الوقت والمكان والتخصص، البرمجة النفسية المسبقة في تحديد نوعية الأشخاص المراد الاستفادة منهم.

8. مفاهيم خاطئة عن التطوع: الفهم الخاطئ لدى بعض المتطوعين لمفهوم التطوع، فهو يرى أن باستطاعته أن يحضر ويخرج كما يشاء وأن يبدأ العمل ويوقفه كما يريد، كما أنه ليس لأحد أن يحاسبه على التقصير وإتمام العمل وجودته، فلو وعى المجتمع أن المتطوع ينتظر أجرًا من الله تبارك وتعالى -وهذا مرتب أعلى بكثير من المرتب المدفوع من قبل البشر- لذا يجب أن يكون العطاء أكبر بكثير، فينبغي أن يلتزم المتطوع بإنجاح العمل ويعلم أنه عرضة للمحاسبة على أدنى تقصير.

وهنالك الكثيرون من المتطوعين المستعجلين الذين يريدون بدء العمل والإنجاز السريع، وأحيانًا تجدهم يعملون أعمالاً قد تكون جيدة ولكنها لا تخدم الهدف الذي وضعوه لأنفسهم (هذا إن كانوا قد وضعوا أهدافًا) فهؤلاء وإن حققوا إنجازات في أرض الواقع، إلا أنهم يفوّتون مصالح راجحة عديدة متحققة من التخطيط الواعي والتنفيذ التدريجي للعمل. وفي مقابل هؤلاء يوجد المثاليون الذين يغرقون في التنظير والتخطيط البعيد عن الواقع العملي.

احتكار مبتكر أو مؤسس العمل الخيري مؤسسته لنفسه، والظن بأنه لا يستطيع أحد أن يقوم مقامه.

المن على الناس بالخدمات التي تقدمها المؤسسة إليهم.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر : موقع طيبة

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
العمل الخيري
  • العمل الخيري
  • العمل التطوعي
  • وسائل وافكار
  • الإنـفــاق
  • حصار العمل الخيري
  • مـنـوعــات
  • الصفحة الرئيسية