صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







العفو ... وشيء مما جاء في فضله

عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
@adelalmhlawi


من تأمّل آيات القرآن وأحاديث السُنّة في الحث على العفو ، والدعوة لسلامة الصدر وجدها كثيرة كاثرة ، وبيّنة ظاهرة ، تدل على سمو هذا الأمر ، ورفعة منزلة أهله ، ووجوب تحلي المسلمين به لِما له من أثر بيّن في استقرار حياة المسلمين وقوة شوكتهم .

🌿 في آيات آل عمران يأمر الله بالمسارعة للجنّة بقوله تعالى :
" *وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ *"
ثم يذكر صفات أهلها بقوله :
" *الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ* "
وكثيراً ما أقف عند هذه الآيات متعجبًا ، فعندما يأمر الله بالمسارعة لجنّة عرضها السماوات والأرض ثم تذكر الآيات صفات أهلها يدور في خلَدك أنّهم قوّام الليل ، صوام الدهر ، المجاهدون الذين لا يتركون عدوًّا إلا قاتلوه ... ولكنّ الآيات تجيبك أنهم قومٌ صفت قلوبُهم وسلمت صدورهم لإخوانهم فبلغوا ما بلغوا من منازل الجِنان ، وذلك لأنّها صفة عزيزة في النّاس ، وصاحبها يحتاج إلى تجرّد وصدق تعامل مع الله عز وجل .
وحديث صاحب النعلين - مَن بشّر به رسولُ الله وأنّه وارث جنّة - عجيب جد عجيب - رجل قليل صلاة النافلة قليل الصيام ، ولكنّه فاز بخير منزل ، وأشرف دار
بـ" سلامة صدره ، وبعده عن الانتقام "

🌿 أهل العفو والكرامة والإحسان سمت نفوسهم أن يُقابلوا الخطيئة بالخطيئة ، والسيئة بمثلها ، لمعرفتهم أنّ هذا سهل يفعله كلُّ أحد لكنّ مقابلة السيئة بالحسنة ، والإساءة بالإحسان خلُق شريف لا تفعله إلا النفوس الطاهرة التي ترجو بإحسانها الثواب من ربها ، فلذا اتبعوا شريعة ربهم بالعفو وغض الطرف عن الخطأ فكان هديهم :
"....**وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ*.*.."
فأكرمهم الله بدخول الجنّة وتحيات الملائكة الكرام لهم في كل حين " *وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ *"

🌿 وفي آيات التنزيل - أيضًا - حث عجيب على العفو ، وتجريد التعامل مع الله تعالى لأنّه أصدق تعامل ، وأوفى ثواب .
فيدعو الله من كان بينه وبين أحد خصومة أو منازعة بقوله : " *وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ* "
إنّ الأمر بالعفو - هنا - قيل للصديّق رضي الله عنه بعدما قال أحد قرابته ماقال من اتهام عائشة في عِرضها - وهو أبلغ ما يكون من الأذى للرجل - ومع ذلك يعفو أبو بكر عنه لأنّه قد تلا قوله تعالى : " *أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *"
فقال بلسان حاله ومقاله : بلى ، والله إنا نحب - يا ربنا - أن تغفر لنا .
عجيب أمر الذين يُصرون على القطيعة ، وهم يقرؤون ويسمعون :
" *وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *"
الله يدعوهم للعفو والصفح ، ويشجعهم بحب المغفرة ، وهم يقولون : لا ، سننتصر لأنفسنا .

🌿 من عجائب ثواب العفو ( *أنّ أجر صاحبه على الله* ) .
وهذا - واللهيكفي في العفو ، فاللهُ أبهم الأجر تعظيمًا لشأنه ، وتنبيهًا على جلالته .
إذا كان المرء عندما يأتيه كريم صاحب سلطان وقدرة فيقول له : جائزتك عندي ، وحظوتك لدي ، وأنا ضامن لها ، تقوى طمأنينته وثقته بهذا الوعد أضعاف أضعاف ما لو وعده به رجل من عامة الناس.
فكيف إذا كان المثيب على عفوه هو الله الجواد الكريم ، فليذهب عقلُك كل مذهب في تصوّر هذا الأجر ، وليتفكر قلبك في عظيم هذا الإحسان ، وأيقن أنّه لن يصل لحقيقة أجر العافين عن النّاس لأنه باختصار ( *أجره على الله* )

وأختم لك بهذا الحديث لعله يكون دافعًا لك للعفو والتجاوز عن كل من قصّر في حقك .
فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " *ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار*؟ , , قالوا : بلى يا رسول الله ،
قال : " *كل هيّن ، لين ، قريب ، سهل* "

فاختر - أيها المخاصِم - أي طريق شئتَ ؛ إمّا اللين أو القسوة ، وإمّا السهولة أو الفظاظة والغلظة .

وفقني الله وإياك لسلامة القلب ، وحب العفو .


كتبه / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
صبيحة الرابع من عيد الفطر لعام ألف وأربع مئة أربعين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل صلاة وأزكى سلام

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عادل المحلاوي
  • رسائل دعوية
  • مقالات موسمية
  • كتب
  • مقالات أسرية
  • خطب الجمعة
  • الصفحة الرئيسية