صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إليك أخي

جواهرَ الهداية

م. عبد اللطيف البريجاوي

 
الجوهرة الرابعة عشرة
وصفات ربانية ..


لو ذهبت إلى طبيب فوصف لك دواءً..
ثم طلب منك ... أن تتناوله بانتظام واشترط لشفائك المداومة عليه فماذا تفعل ؟ إن العقل والمنطق يقتضي الالتزام والتجاوب
و إني أراك قد التزمت به حق الالتزام ..
فلست مقصراً ولست مخلاً
فما بال الحكيم العليم قد وصف أدوية وأنت معرض عنها ..
لا تأبه بها أو لا تتناولها و لاتستأنس لها
إن اضطربت نفسك ، وماج قلبك , وحار فكرك
قال لك : {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }(الرعد28 )
وإن كثر همك وزاد غمك وتكالبت عليك الأحقاد
قال لك :
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ }(البقرة152)
إن كثرت عليك المصائب.. وعزلك الناس قال لك {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }(الأنبياء87)

إن اختلفت مع إخوانك وتعاديت معهم قال لك :
{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }(فصلت34)
إن سدت عليك السُبل .. وغلقت الناس أبوابها أمامك
قال لك : {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }(النمل62)
أعطاك تجارب تاريخية لكل مرحلة وكل فترة وأعطى من خلالها الأدوية الناجعة
فقال للشاب إن هناك أدوية علاجية للهروب من الفاحشة وأعطى مثالا تاريخيا لذلك وهو يوسف عليه السلام وقال إن يوسف اتصف بصفتين وتناول دواءين فأنقذه الله من الفاحشة
كان ملتجئا إلى لله لا يحب الوقوع في الفواحش ,وكان يهرب من الفاحشة
{وَاسُتَبَقَا الْبَاب..} (يوسف 25) والاستباق هروب
{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ } (يوسف33)
أعطى وصفات للحكام والمتنفذين أن يختاروا لرعيتهم الحفيظ العليم{ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}يوسف55
وأعطى أدوية للتجار والصناع أن يختاروا القوي الأمين
{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }(القصص26)
فما بال هذه الوصفات الربانية وغيرها قد ابتعد المسلمون عنها وأخرجوها من دائرة تفكيرهم ولجؤوا إلى وصفات شرقية وغربية تجر الخراب على الديار وتدس السم في الدسم
لو فتحت القرآن الكريم .. لوجدت وصفات وأدوية كثيرة..
وما ازدادت أمراض المجتمع إلا بعد أن تركت أدوية الخالق سبحانه وتعالى..
وما زادت أمراض النفس البشرية إلا بالتنكب عن هذه الأدوية العلاجية منها الوقائية.
. فديننا العظيم فيه من الأدوية الربانية ما يصلح الإنسان ومجتمعَه وهي قسمان قسم وقائي قبل وقوع المرض وقسم علاجي بعد وقوعه
أما الوقائي فهو ما يجنب الإنسان الوقوع في الأمراض المختلفة وهي الأكثر في ديننا الحنيف كغض البصر كي لا يقع في مرض الشهوة وكحفظ اللسان كي لا يقع في مرض الغيبة والنميمة وهكذا

وأما العلاجي فهو ما يكون بعد وقوع المرض واستفحاله
يقول ابن قيِّم الجوزية رحمه الله تعالى : " وأول ما يطرق القلب الخطرة فإن دفعها استراح بعدها وإن لم يدفعها قويت فصارت وسوسة فكان دفعها أصعب فإن بادر ودفعها وإلا قويت وصارت شهوة فإن عالجها وإلا صارت إرادة ومتى وصلت إلى هذه الحال لم يمكن دفعها واقترن بها الفعل ولا بد وحيتئذ ينتقل العلاج إلى أقوى الأدوية وهو الاستفراغ التام بالتوبة النصوح ولا ريب أن دفع مبادئ هذا الداء من أوله أيسر وأهون من استفراغه بعد الحصول "
ويقول أيضا " إن القلوب الممتلئة بالأخلاط الرديئة فالعبادات والأذكار والتعوذات أدوية لتلك الأخلاط كما يثير الدواء أخلاط البدن... فمدار الأمر على شيئين الحمية واستعمال الأدوية " (التبيان في أقسام القرآن ابن قيم الجوزية ص 280 /281)
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى فعن حُذَيْفَةَ قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى " (أبو داود وحزبه أي نزل به هم )
إذا اشتد عليه أمر قام إلى الصلاة..
هل فعلت هذا ... مرة واحدة..
إننا نرى إناساً إذا اشتدت عليهم الأمور.. أوقدوا .. اشعلوا السيجار..
ونرى أناساً إذا اشتدت عليهم الأمور شربوا وشربوا من الخمرة كما تصور بعض الأفلام الغريبة عن مجتمعنا وديننا وثقافتنا...
لكن قلما نرى إنساناً إذا اشتدت عليه الأمور.. قام فتوضأ فصلى فناجى فالتجأ فبكى فرآه الخالق على حالة الإفتقار ..فأدركه بسرعة الفرج وحلاوة الصبر
هذا دواء .. لداء الشدة ... فهل تحن مقتفون أثر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الدواء..
وهل نحن نتبع هذه الأدوية الربانية العلاجية والوقائية.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
م. البريجاوي
  • عبير الإسلام
  • إليك أخي ...
  • فقه الأسرة المسلمة
  • تدبرات قرآنية
  • في رحاب النبوة
  • كتب
  • أطياف الهداية