صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







صفات العنصر التطوعي...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@aboyo2025


لقد باتت الحاجة الى العناصر التطوعية ماسة، والطلبية جادة، لمكونات الاجتماع البشري ، وتعقد حياتهم، واحتياج بعضهم للمدد والعون، وتحسين أبجديات الحياة...!
قال تعالى في قصة ذي القرنين، وقد مارس عملا تطوعيا(( آتوني زُبر الحديد،حتى اذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا )) سورة الكهف.
ونحن نحتاج اليها لملء فراغنا وتدريب ذواتنا، واكسابنا السعادة لنا وللآخرين ، وقد قال صلى الله عليه وسلم:(( إن من أحب الأعمال إلى الله إدخالَ السرور على قلب المؤمن, وأن يفرِّج عنه غمًا, أو يقضي عنه دينًا, أو يطعمه من جوع)) أخرجه البيهقي في الشعب ، وحسنه المحدث الألباني في الصحيحة.

فما ينبغي خلو المجتمعات منها، لا سيما بعد ولادة الجمعيات الخيرية واللجان الاجتماعية والثقافية والدعوية، وهي تحتاج بلا شك لفرق وأندية ومجموعات، تحت جهات مخصوصة تضطلع يالجهد والعبء، والذي نرجو المولى ان يكون مثابا مباركا...!
واهم الشرائح في ذلك الشرائح الشبابية بكل جدها وعنفوانها، وكما قيل:

وعناصرُ الشبان اكبرُ عدةٍ// وعزيمةٍ لمضايق وخطوبِ!

ومن نعمة الله علينا توجه المجتمعات العربية الى موسسات المجتمع المدني، والتي تدعم الحكومات وتحسن من أدائها، وتحتوي الأجيال، وتحفظ عليهم أوقاتهم وافكارهم، وتربيهم على فضل العمل الاجتماعي، والتطوعي وأنه من جوهر الإسلام، وتمام رسالته، وقد خاضه رسولنا صلى الله عليه وسلم بعناية فائقة، وأعطانا رسالة الجد والاهتمام والمشاركة والتنظيم ... كما تلحظون في (حلف الفضول) و(بناء البيت) و(حفر الخندق)، ونصوص التراحم والكفالات والاإسان والدعم الأخوي والاجتماعي،...!
وهي تفوق الحصر،...!

ومع ذلك، فإن (العنصر التطوعي)، يحتاج الى مزيد من التثقيف، والتدريب المستديم، ليؤدي عمله بمهارة و(احتراف)، ولذلك ثمة صفات هنا نرى ضرورة تجسدها في العنصر التطوعي...:


١/ الجدية والمصداقية :
من الحيوية وحب الإخلاص، وجلب النفع للآخرين والسرور بخدمتهم، وإيثار العمل، ونبذ كل ما يضاد ذلك من التكاسل و(التواني) والاعتذارات المتكررة..! كما صنع المفطرون في بعض الأسفار، فخدموا إخوانهم الصوام خدمة صادقة، وكفوهم مؤونة العمل، فقال صلى الله عليه وسلم مشيدا بهم (( ذهب المفطرون اليوم بالأجر )).

٢/ التخصص والوجهة:
بسبب توسع العمل التطوعي والخدمي، وتفننه لمجالات ثقافية وإعلامية وخيرية وخدمية و(إنقاذية)....! فما على العضو الا بيان وجهته، حتى يوجه اليها، وثمة أناس (كالدينمو) الفعّال يشتغل على كل الجهات، ويحضر في كل مناسبة واحتياج، فيُشكرون ويُرحب بهم وبجهودهم.
وما ينبغي للمتطوع ان يشتغل بما لا يحسن، ولو سدّه احيانا ، بل إفادته في موضعه الصحيح وميله الحقيقي، هو الفقه الواقعي، والوعي النفسي والخدمي.

٣/ تنوع الخبرات والثقافة :
بحيث يحاول الاطلاع في مجالاته المحببة، ويقوم بتأهيل نفسه ذهنيا وحركيا، ويستفيد من حركة الاتصالات ومؤسسات المجتمع المدني، وما تقدمه، لأن العمل التطوعي تطور عن السابق، وبات يبحث مع المجال الخدمي في خبرات الأفراد وتقدم افكارهم ومقترحاتهم...!

٤/ الانضباط والالتزام بالتكاليف:
بحيث ينضوي تحت موسسة مدنية معروفة، محترما شروطها ولوائحها، ولها قيادة وأتباع وموظفون، وجميعهم لهم رسالة ورؤية محددة...!
ولا يصح اعتبار التطوع (مسالك فوضوية)، تسد بأي طريقة كانت،،.!
ولا يمكن الإنتاجية ما لم يتقيد بها العناصر التطوعية...!
وتلكم المؤسسة ترخص جهده، وتضمن له الدعم المادي والاعلامي، والحماية الاجتماعية والأمنية والمعنوية ..!

٥/ الاستعداد للتضحية والتفاني :
لا سيما في الأعمال الاجتماعية الحركية، والإسعافات الخدمية الكارثية، كالزلازل والسيول ،فهي تعتمد بالدرجة الأولى على العنصر الشبابي الباذل، وغير المتهيب، والمحب للاحسان والخدمة والإنقاذ .وفي الحديث(( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه )) .

٦/ القابلية للتعلم والتدريب :
يفترض في غالب المؤسسات المدنية الآن، حرصها على تطوير أبنائها، وتقديم الدورات الملائمة لهم، لتعريفهم بحقيقة التطوع، ورسالته، وكيفية الشروع فيه والارتقاء به، وصناعة قيادات وخطط، واستراتيجيات لكل جهة خدمية واجتماعية...! وصح قوله صلى الله عليه وسلم:(( إنما العلم بالتعلم وانما ، الحلم بالتحلم )).
ونرى أن مثل ذلك واجب جوهري ونهضوي محتم على الجهات الخيرية والتطوعية، لخدمة المجتمع وأبنائه وصغاره وكباره...!
ولا سيما اذا حظيت بدعم رسمي او اهلي، فيجب عليها تدريب منتسبيها ليرتقي العمل ارتقاء واضحا...!
ومن آثار ذلك سطوع المبادرات الفردية والجماعية، والتي تتحول الى مشاريع كبرى، ينفع الله بها الوطن والأمة...

٧/ التعاون والتآزر:
بحيث يستيقن أنه لن يقوى لوحده على كل الاعمال، بل لابد من انخراطه في مجموعة منظمة ذات برنامج وقيادة وخطة واضحة.قال تعالى:(( وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) سورة العصر .
وغالبا ما تكون الأعمال التطوعية جماعية مما يعني التعرف والاحتكاك والتنسيق والتآلف . ! فلا مكان للفردية والاحتكار والاستئثار ..!

٨/ التناغم الوظيفي
: بمعنى لا يصدك التطوع وخدمة المجتمع عن مشوارك الدراسي أو المهني، فتعاملها بجفاء تنقلب سلبا على حياتك ومستقبلك، بل لا بد من صنع صورة تناغمية بين الرغبة والواجب، وبين الانشراح والمتعين، حتى يكون التعاطي تكامليا وماتعا...! ولأنه لا يخلو احدنا من مهام وواجبات، فحضور العقلية التنظيمية عامل للنجاح، فهذا الصديق ابو بكر رضي الله عنه، (يحلب للحي أغنامهم ، فلما استُخلف قالت جارية منهم :الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر :بلى وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله) .

٩/ الجاذبية الاجتماعية:
عبر خلق حسن، وحرص ثابت، واتصال لطيف، وتفان بارز، وكلمة لينة، ونفس مشرقة..!
فلا تمن او تمتن، او تصرخ او تغلظ، او تجفُ او تسئ ...،!وفي الحديث الصحيح(( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )).
وليعلم أن الشخصية التطوعية محبوبة عند الناس، لاستفراغها الوسع في خدمتهم، ولذلك تشتهر وترتقي مقاما عظيما، وكما قيل :
أحسنْ إلى الناس تستعبد قلوبَهمُ// فطالما استعبد الإنسان إحسانُ!
وتصبح في متناول الجميع، وفي الصحيحين: (كانت الجارية من نساء المدينة تأخذ بيد رسول الله، فتأخذه الى حاجتها حيث شاءت) .

١٠/ الاتقان العملي:
وبرغم كونه تطوعا، إلا أننا مخاطبون شرعا بالإتقان، ومجتمعا بالجودة ، لنعطي الصورة الحسنة عن العمل التطوعي الاسلامي ففي الحديث الصحيح (( إن الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ))، فيُقدم العمل متقنا ومحددا بزمن، وقد نال رضى المشاهدين، والله ولي التوفيق..

ومضة : العنصر التطوعي طيّع في العمل والتعلم والمشاركة..!

١٤٣٦/٧/٨
ِ
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية