صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







نداء إلى ولاة أمر المسلمين

د.عبدالرحمن بن صالح المزيني


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


أما بعد.. فإلى كل من رآه من ولاة أمر المسلمين
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد جاء في صحيح الإمام البخاري رحمه الله عن جرير بن عبد الله ، قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم).وفي صحيح الإمام مسلم عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال « الدين النصيحة » قلنا لمن قال « لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ».قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:( وأولو الأمر أصحابه وذووه ، وهم الذين يأمرون الناس ، وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام ، فلهذا كان أولو الأمر صنفين : العلماء ، والأمراء . فإذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس ) .أ.هـ وقال شيخنا ابن عثيمين: وأولوا الأمر يشمل العلماء والأمراء لأن العلماء ولاة أمورنا في بيان دين الله والأمراء ولاة أمورنا في تنفيذ شريعة الله ولا يستقيم العلماء إلا بالأمراء ولا الأمراء إلا بالعلماء فالأمراء عليهم أن يرجعوا إلى العلماء ليستبينوا منهم شريعة الله والعلماء عليهم أن ينصحوا الأمراء وأن يخوفوهم بالله وأن يعظوهم حتى يطبقوا شريعة الله في عباد الله عز وجل .أ.هـ قال بعض السلف صنفان إذا صلحا صلح سائر الناس وإذا فسدا فسد سائر الناس العلماء والأمراء.أ.هـ
والذي يتابع ما يدور في العالم اليوم من انفلات أمني وسفك للدماء ونزع يد الطاعة وغيرها من الفتن يدرك أن وراءها تقصير ولاة الأمر من العلماء والأمراء .فإنهم هم أهل الحل والعقد بما يتمتعون به من العلم والسلطة. فإذا أضاع كل صنف ما حمل من الأمانة انفلت زمام الرعية فرتعوا بمحارم الله وضعفت القوة وتسلط العدو كما يشاهد في كل مكان والله المستعان.
وإن من الواجب علينا لولاة أمر المسلمين من العلماء والأمراء النصح الصادق. ولذا أقدم هذه النصيحة لعل الله أن ينفع بها. (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ).هود:

أرى خلل الرماد وميض جمر *** ويوشك أن يكون له ضرام
فإن لم يُطفها عقلاء قوم *** يكون وقودها جثث وهام
فإن النار بالعودين تذكى *** وإن الحرب أولها كلام


إلى العلماء ورثة الأنبياء أولا


الأول - احمدوا الله على نعمة العلم وأدوا شكرها.قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) (النمل) قال الإمام القرطبي في تفسيره: وفي الآية دليل على شرف العلم وإنافة محله وتقدم حملته وأهله ، وأن نعمة العلم من أجل النعم وأجزل القسم ، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلا على كثير من عباد الله المؤمنين.(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ).أ.هـ

الثاني -
من شكر نعمة العلم وحقه الصدع بكلمة الحق خصوصا إذا ترتب على السكوت خذلان الدين وأهله.قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) (آل عمران) قال ابن تيمية :فوصف المغضوب عليهم بأنهم يكتمون العلم : تارة بخلا به وتارة اعتياضا عن إظهاره بالدنيا ، وتارة خوفا في أن يُحتج عليهم بما أظهروه منه .وهذا قد يبتلى به طوائف من المنتسبين إلى العلم فإنهم تارة يكتمون العلم بخلا به ، وكراهة لأن ينال غيرهم من الفضل ما نالوه ، وتارة اعتياضا عنه برئاسة أو مال ، فيخاف من إظهاره انتقاص رئاسته أو نقص ماله ، وتارة يكون قد خالف غيره في مسألة ، أو اعتزى إلى طائفة قد خولفت في مسألة ، فيكتم من العلم ما فيه حجة لمخالفه وإن لم يتيقن أن مخالفه مبطل .أ.هـ

الثالث -
الحذر من التكسب بالعلم .قال تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة)قال ابن سعدي:هذا وعيد شديد لمن كتم ما أنزل الله على رسله، من العلم الذي أخذ الله الميثاق على أهله، أن يبينوه للناس ولا يكتموه، فمن تعوض عنه بالحطام الدنيوي، ونبذ أمر الله أولئك:{ما يأكلون في بطونهم إلا النار } لأن هذا الثمن الذي اكتسبوه، إنما حصل لهم بأقبح المكاسب، وأعظم المحرمات، فكان جزاؤهم من جنس عملهم .أ.هـ

الرابع -
الحذر من السكوت عن المنكرات وبالأخص الظاهرة قال تعالى: (وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (المائدة) قال الطبري: أقسم لبئس الصنيع كان يصنع هؤلاء الربانيون والأحبار في تركهم نهي الذين يسارعون منهم في الإثم والعدوان وأكل السحت عما كانوا يفعلون من ذلك.وكان العلماء يقولون : ما في القرآن آية أشد توبيخا للعلماء من هذه الآية ولا أخوف عليهم منها.أ.هـ ومن ذلك عدم السكوت عن تجاوزات السلاطين والأمراء وإنكارها بالحكمة والنظر في المصالح والمآلات حتى لا تكون المنكرات سنة يألفها الناس, والحذر ثم الحذر من تبرير أخطاء الحكام وتشريعها. ففي صحيح الإمام مسلم عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع ». قالوا أفلا نقاتلهم قال « لا ما صلوا ».قال النووي: إن في قوله صلى الله عليه وسلم: « لا ما صلوا » عدم جواز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئًا من قواعد الإسلام .أ.هـ قال القاضي عياض: وقوله:(فمن كره فقد برئ ، ومن أنكر فقد سلم):أي من معاقبة الله له على الإقرار على المنكر ، وبريء بكراهيته من الرضا والمتابعة .وفيه حجة على لزوم قول الحق وإنكار المنكر .وقوله : (ولكن من رضي وتابع ، : دليل على أن المعاقبة على السكوت على المنكر إنما هو لمن رضيه ، وأعان فيه بقول أو فعل أو متابعة ، أو كان يقدر على تغييره فتركه .فأما مع عدم القدرة فبالقلب وعدم الرضا به ، كما فسره بعد في الحديث الآخر ؛ أي كره بقلبه وأنكر بقلبه ، وكما في الحديث الآخر:(فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة الله) .أ.هـ وعن طارق بن شهاب أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم وقد وضع رجله في الغرز: أي الجهاد أفضل؟ قال كلمة حق عند سلطان جائر)قال النووي:رواه النسائي بإسناد صحيح .

الخامس -
الحذر من الاغترار بالمناصب والرتب الدنيوية والسعي إليها والتعلق بها فإنها لا تغني عند الله شيئا إلا لمن قام بحقها. ففي صحيح الإمام مسلم عن عامر بن سعد قال كان سعد بن أبي وقاص في إبله فجاءه ابنه عمر فلما رآه سعد قال أعوذ بالله من شر هذا الراكب فنزل فقال له أنزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك بينهم فضرب سعد في صدره فقال اسكت سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي ».

السادس -
الواجب على العلماء الجلوس للناس والقرب منهم ورفع حاجاتهم وشكاياتهم إلى الأمراء والسلاطين بعيدا عن حظوظهم الخاصة .وكلما قرب العالم من السلطان كثرت تبعاته وواجباته.

ثانيا إلى الأمراء والسلاطين


الأول - إن الله قد رفعكم فاعرفوا قدر نعمته فإن النعم تدوم بالشكر فلا يحسن أن تقابل بالمعاصي واعلموا أن مقصود الولاية والسلطة إصلاح أديان الناس والقيام على مصالحهم والسهر لأجل راحتهم.وسماع أصوات المصلحين والنظر فيما ينادون به وعدم تكميم الأفواه واحذروا سياسة ما أريكم إلا ما أرى فقد تبين فشلها. قال الماوردي رحمه الله: الْإِمَامَةُ مَوْضُوعَةٌ لِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا ، وَعَقْدُهَا لِمَنْ يَقُومُ بِهَا فِي الْأُمَّةِ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ.أ.هـ قال ابن عبد البر في التمهيد: ويقيم الأعياد والجمعات وتؤمن به السبل وينتصف به المظلوم ويجاهد عن الأمة عدوها ويقسم بينها فيئها لأن الإختلاف والفرقة هلكة والجماعة نجاة قال ابن المبارك رحمه الله:

إن الجماعة حبل الله فاعتصموا *** منه بعروته الوثقى لمن دانا
كم يرفع الله بالسلطان مظلمة *** في ديننا رحمة منه ودنيانا
لولا الخلافة لم تؤمن لنا سبل *** وكان أضعفنا نهبا لأقوانا.أ.هـ


الثاني -
من أوجب الواجبات على جميع حكام المسلمين تحكيم شرع الله في عباده في جميع الشؤون والأحوال وحمل الرعية عليها.والفخر بذلك والاعتزاز به قال تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء) وقد قال قبلها محذرا من تحكيم قوانين البشر.قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) (النساء) وقال تعالى: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا).النساء

الثالث -
الحذر من مولاة الكفار وإدراك خبثهم وكيدهم لنا.قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ)
( المائدة) وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ) (الممتحنة) وقال سبحانه: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ).البقرة

الرابع -
يجب على حكام المسلمين الرفق بمن تحت ولايتهم. ففي صحيح مسلم عن عائشة قالت :سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا « اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ».قال النووي: هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس ، وأعظم الحث على الرفق بهم ، وقد تظاهرت الأحاديث بهذا المعنى .أ.هـ وقال في سبل السلام: والحديث دليل على أنه يجب على الوالي تيسير الأمور على من وليهم والرفق بهم ومعاملتهم بالعفو والصفح وإيثار الرخصة على العزيمة في حقهم لئلا يدخل عليهم المشقة ويفعل بهم ما يحب أن يفعل به الله.أ.هـ

الخامس -
الحذر من الترفع والتكبر على الرعية وعدم إغلاق الأبواب دون حاجاتهم .جاء في مستدرك الحاكم: عن أبي مريم صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من ولي من أمر المسلمين شيئا فاحتجب دون خلتهم و حاجتهم و فقرهم و فاقتهم احتجب الله عز و جل يوم القيامة دون خلته و فاقته و حاجته و فقره) هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه.أ.هـ قال ابن بطال في شرح البخاري: ويجب على الوالي أن لا يولى أحدًا من عصابته ، وفى الناس من هو أرضى منه ، فقد روى عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنهم إن فعلوا ذلك فقد خانوا الله ورسوله ، وخانوا جميع المؤمنين .أ.هـ قال شيخنا ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: التحذير من اتخاذ الإنسان الذي يوليه الله تعالى أمرا من أمور المسلمين حاجبا يحول دون خلتهم وفقرهم وحاجتهم وأن من فعل ذلك فإن الله تعالى يحول بينه وبين حاجته وخلته وفقره .أ.هـ

السادس -
اعلم أن من علامات الخيرية في الحاكم المحبة بينه وبين الرعية فقد جاء في صحيح الإمام مسلم عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ». قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف فقال « لا ما أقاموا فيكم الصلاة وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة ».

السابع -
اعلم أن من علامات الخيرية في السلطان توليت الأصلح على المرافق والوزارات. فقد جاء في سنن أبي داوود عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسى ذكره وإن ذكر أعانه وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسى لم يذكره وإن ذكر لم يعنه ».قال النووي :رواه أَبُو داود بإسنادٍ جيدٍ عَلَى شرط مسلم .قال فيصل آل مبارك في التطريز: فيه الحث على اتخاذ وزير صالح ، وأن ذلك من علامة سعادة الوالي ، والتحذير من وزير السوء ، وأنه علامة على شقاوة الوالي .أ.هـ فالواجب البحث عن العلماء الربانيين والقرب منهم وإكرامهم وسماع توجيهاتهم والحذر من تنقصهم أو منعهم أوأذاهم بأي نوع من الأذى الحسي أو المعنوي.وتذكروا ما جاء في البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب..)فلحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة.

الثامن -
الحذر من ظلم العباد والاستئثار بالمال العام دون الرعية أو التشهي في توزيعه على الرعية أو التضييق عليهم في معاشهم أو مشاريعهم الخيرية, بل الواجب العدل في ذلك كله.فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما هو واقع من الاستئثار بأموال المسلمين وخيراتهم ففي صحيح الإمام البخاري عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ستكون أثرة وأمور تنكرونها قالوا : يا رسول الله فما تأمرنا قال تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم) وفيه عن خولة الأنصارية ، رضي الله عنها ، قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة).وفي صحيح الإمام مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم ». اللهم بارك في هذه الكلمات وانفع بها. وصلى الله على نبينا محمد وآله.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه / د.عبدالرحمن بن صالح المزيني
المشرف العام على موقع رياض الإسلام
السابع من رجب لعام 1433 هـ


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مقالات الفوائد

  • المقـالات
  • الصفحة الرئيسية