صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تفجير (القديح) .. وأقلام الفتنة

بندر الشويقي
@Drbandarsh


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم


أياً كانت الجهة التي تقف وراء عملية التفجير ببلدة القديح.

ثمة أمرٌ واحدٌ يجب ألا يُغفَل عنه ..

العملية ليست موجهةً ضد جيشٍ، ولا أفرادٍ عسكريين، ولا إلى طائفةٍ دون أخرى.

حتى الضَّحايا المباشرين لتلك العمليَّة، لم يكونوا قطعاً مقصودين لذواتهم، ولا لمذهبهم.

العملية –كما هو واضحٌ- رسالة شقاقٍ، لبلدٍ يعيش حالة حربٍ.

وغرضُ العملية تفكيك الداخل، وتكرار الصُّورة التي نراها عياناً في العراق وفي اليمن.

قد لا يكون في هذا الكلام جديدٌ يذكرُ، غير أن ما أريدُ إضافته أمرٌ آخر:

قرأتُ كتاباتٍ وتعليقاتٍ مريضةً عاجزةً عن فهم الصُّورة الواضحة التي أمامها. أو لنَقُل: لا تريد أن تفهمها، في ظل غرقها في خصوماتها الخاصة وأدوائها المزمنة.

كتابات تتناول حادثة التفجير بطريقةٍ تنسجم تماماً مع غرض المفجِّرين وهدفهم. قصد الكاتبون ذلك أو لم يقصدوه.

هناك تعليقات سُنيةٌ، وأخرى شيعيةٌ .. تحاول ربط الحدث بأسبابٍ معزولةٍ عن محرِّكه الأساس الواضح الذي يفترض ألا تخطئه عين كُلِّ عاقلٍ يعي ويفهم.

كتاباتٌ ترسل للشيعة رسالة حربٍ لا لبس فيها .. رسالةً تقولُ لهم:

"لا تصدقوا هذه البيانات، ولا الاستنكارات"
"وإياكم أن تُخدَعوا .. فليست داعشٌ من فجَّر مسجدكم!!"

هذه الكتابات -من الناحية العمليَّة- توظفُ الحادثة وفق الخطة التي أرادتها الجهة التي تقفُ وراءها .. تلك الجهة لا تريد الخير لأيٍّ من الطائفتين؛ لا السُّنةَ ولا الشِّيعة.

أصحابُ هذه التعليقات يقومون بتنفيذ الخطوة الثانية لعملية التفجير، بعدما نفَّذ المفجِّرُ الجَهُولُ خطوتها الأولى.

أيُّ تعليقٍ على الحادثة يحاول استثماره من خلال توجيه اللوم والتقريع لأيِّ جهةٍ داخل البلد لا ترتضي ما جرى وترفضُه، فهو في النتيجة والمحصل: ينفِّذُ الاستجابة المطلوبة التي يريدها من خطَّط للعمليَّة ورسمها.

حتى لو فرضنا (جدلاً) صحة ذاك الربط البليد الذي يحاوله بعض الناس، فالنصح والصدق والعقل يقتضي الإمساك الآن –على الأقلِّ- عن مثل هذا الكلام في ظلِّ أجواء التوتر والهيجان التي يسعى منفذو العمليَّة لخلقها وتصعيدها.

هذا الكلامُ لا أخصُّ به طرفاً دون طرفٍ، ولا جهةً دون أخرى.

يستوي في ذلك الشِّيعيُّ الذي يعلِّق على الحدَثِ من خلال شتم السُّنة أجمع.

أو السُّنيُّ الذي يبررُ ويعلِّق على العمليَّة من خلال الحديث عن جناياتٍ وسوابق شيعيَّة.

ولا يختلفُ عن هذين ذاك المتعالي الذي يجدُ في منظر تلك الدِّماء والأشلاء فرصته للحديث -صراحةً أو تلميحاً- عن وسطيته المتفرِّدة.

لستُ من الحالمين الذين يتجاهلون عمق الخلاف العقديِّ بين الطائفتين. لكن يجب ألا نغفل عن حقيقة أن المحرِّك للعملية أمرٌ آخرٌ، يكادُ يبصره أقلُّ الناس إدراكاً.

حديثي كلُّه عن حدثٍ قائمٍ، يأتي في سياق معركةٍ مشتعلةٍ موجَّهةٍ من الخارج لها هدفٌ واضحٌ لا خفاء فيه.

هذا الحدث أسبابه وسياقاته الجليَّة تختلف عن السِّياق الأقدم للنزاع العقديِّ التاريخي السُّنيِّ الشيعيِّ.

والجهة التي تقف وراء العمليَّة إن كانت سُنيَّةً خالصةً فهي قطعاً لم تقصد الانتقام من الشِّيعة لأنهم شيعةٌ، بل لم تقصد بفعلها الشِّيعة وحدَهم.

ومن الحمق الراسخ رفع الصوت بأن هذا التفجير ثمرة النظرة السُّنيَّة للشيعة.

الشِّيعة يعيشون في البلد منذ تأسيسه، ولم يتعرضوا قطُّ لمثل هذا العمل، رُغم حالة التوتر المستمرة بين الطائفتَين

والجهة التي تقف وراء العمليَّة لا مانع لديها من تنفيذ مثلها مع أهل السُّنةِ متى احتاجت، ولن تعدم مبرراتها لذلك لو أرادت.

المحرِّكُ لهذا العمل واضحٌ

وغرضه ظاهرٌ كالشِّمس

ومن يريدُ الخير للبلد وأهلهِ

بل حتى من يريدُ الخير لطائفته فقط

عليه أن يمسك عن كلِّ ما يخدمُ هذا الغرض

وصاحب الفتنة: ليس سوى ذاك الذي يسير في الاتجاه المعاكس لاتجاه من يسعون في إطفائها وتسكينها.

صاحب الفتنة الأثيم ذاك الذي جنَّد قلمه في خدمة الحزام الناسف.

بندر الشويقي
4/8/1436ه

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مقالات الفوائد

  • المقـالات
  • الصفحة الرئيسية