صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تلخيص محاضرة : ( أحكام الاعتكاف )


محاضرة .. ( أحكام الاعتكاف )
لفضيلة الشيخ الدكتور /
خالد بن عثمان السبت حفظه الله
في يوم الأحد ١٤٣٣/٩/١٧هـ
في جامع الدعوة بحي الريان .
 

بسم الله الرحمن الرحيم ..
 

الاعتكاف ..
يرجع في معناه إلى معنى واحد :
وهو المقامة والحبس ..

بمعنى أن تُقبل على الشيء بحيث لا تنصرف عنه ، فهو بمعنى ملازمة الشيء وحبس النفس عليه براً كان أو إثماً ،
فالله تعالى يقول : { فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ }

وهكذا في قوله تعالى في البر :
{ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ }
فملازمة الشي يقال له اعتكاف أياً كان هذا الذي لازمته ، ولم يرد عن الشارع تحديد لمعنى الاعتكاف وإنما يرجع في ذلك إلى عُرف المخاطبين إن وجد ، وإن لم يوجد يرجع إلى العرف اللغوي فيقال :

أن الاعتكاف الشرعي هو لزوم المسجد بنية القربة إلى الله تعالى

لزوماً يُطلق عليه في العرف أنه اعتكاف بمعنى أنه مكث طويل وهو وسط بين طرفين، بين من قال بأن الاعتكاف يكون ولو لحظة ، وهذا فيه مبالغه والله أعلم ، وبين من قال بأنه لا يكون بحال من الأحوال أقل من يوم وليلة وهذا أيضا تحديد ليس عليه دليل .

إذاً فكل مكث طويل في العرف يقال له اعتكاف مع مصاحبته للنية والعلم عند الله .

والاعتكاف عبادة مشروعة بمعنى أن الشارع شرعها وطلبها فهو من العبادات المشروعة المستحبة ، وهي قديمة وفي الشرائع السابقة ويدل عليه قوله تعالى :
{ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ }
وأيضاً قوله تعالى :
{ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ }

ومن السنة ..
ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه :
(( كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان )) أخرجاه .

ومن مطالب المعتكفين التماس ليلة القدر .

وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وحفصة أن يعتكفان معه ،ولهذا يقال أنه مشروع في حق الرجل والمرأه ما لم يكن في ذلك مفسدة كمخالطة الرجال ، أو تكشف أو يكون المكان غير مأمون ، وهذا يتوقف على إذن زوجها .

ولم يرد عن الشارع دليل صحيح في فضل الاعتكاف ، وليس معنى ذلك أن الاعتكاف لا فضل له ، ولكن الشارع بين مشروعيته في الأدله السابقة ولنا أسوة في رسول الله .

( الحكمة من تشريع الاعتكاف )
..

الاعتكاف يحصل به انقطاع عن المخلوقين ويكون الإقبال والإنشغال بطاعة الله تعالى ، فيحصل للعبد من القرب بربه ما لا يحصل في غيره ، ويكون العبد في حال من الاستغراق في أوقاته في ليله ونهاره ، فيكون مشتغلاً بأنواع الطاعات من الصلاة وقراءة القرآن والتفكر ، ويحصل للعبد بالاعتكاف من حضور القلب وصفاء الذهن وفطام عن الأكل والشرب والجماع ، وعن مخالطة الناس .

( رسائل للمعتكفين ) ..


١/ أن يستشعر نية طلب ليلة القدر منذ دخوله في الاعتكاف .

٢/ أن يعتكف وحده فهذا أقرب إلى تحقق المقصود وانتفاع العبد من هذا الاعتكاف ، فإن لم يمكن ذلك فيمكن أن يكون مع واحد يعينه على اعتكافه ويتخيره .

٣/ أن نحرص على الأوقات في الاعتكاف بأن يضبط نفسه في النوم، ويجعله في النهار؛ من أجل أن يُحيي الليل كله ، لأن ليالي العشر أفضل من نهاره ، لأن فيها ليلة القدر .

وقال بعض أهل العلم من الحنابلة :
أن المعتكف يستحب له ألا ينام على الأرض وإنما ينام متربعاً من أجل ألا يستغرق في النوم من شدة حفظ الاوقات ، مع أنا لا نقول هذا ، ولكن هذا قاله بعض أهل العلم، وإما ذُكر للإعتبار .

وبعض الناس يتخذون الصيام ذريعة للكسل !

وكان بعض السلف يصوم أسبوعاً كاملاً ولو قبض على يد رجل قوي لهشمها .

٤/ حدد لك أهداف واضحة في أول الاعتكاف، كم ختمة ستختم ، وكيف ستختم ، وكيف ستصلي .

٥/ إذا وفقك الله لهذه العبادة فهذا يعني إن شاء الله أنك وُفقت لعبادة ليست مجالاً للمعاصي ، وهذا لا يكاد يوجد في عبادات أخرى .

٦/ تذكر أن الله قد حباك هذا الشرف ، وأنك في أحب البقاع إلى الله ، وفي أشرف ليالي العام ، فينبغي أن تطيب به النفوس، ويفرح بها العبد، ويسأل الله القبول .

٧/ لا يزال المعتكف في عبادات متصلة في هذا الاعتكاف ، فنومه عبادة ، واستيقاظه عبادة ، وأكله عبادة ، وخطواته عباده ، فالوقت كله مستغرق في العبادة .

٨/ ويجب أن نعلم أن الكثير قد حُرم من هذه العبادة ممن لا يرفع لها رأساً ، أو أشغلته مشاغل عنها ، فوفقك الله وهداك هداية الإرشاد والتوفيق .

٩/ الاعتكاف فرصة للتفكر والمراجعة والمحاسبة ، فينظر حاله ويتلمس مواطن التقصير فيرجع على نفسه بالاصلاح والتقويم.

١٠/ إذا كان الاعتكاف في حقيقته هو عكوف العبد على ربه ، فقد يتحقق لبعض الناس في أيام قليلة من هذا المعنى ما لن يتحقق لمن اعتكف في أيام طويلة .

١١/ ربما أثرت وسائل الإتصالات والإعلام والألعاب على الاعتكاف فهذا يستغرق أوقات طويلة من الليل والنهار ، فيؤثر ذلك على عبادته وذكره ، ولا يكون ذلك من قبيل الانقطاع للطاعة والعبادة ، ويتنافي هذا مع حُرمة المسجد .

والاعتكاف فرصة للانقطاع عن هذه الوسائل والأجهزة والإقبال على الله عز وجل ، فإذا ما تركنا هذه في اعتكافنا فمتى سنتركها .!

١٢/ من علامات الإخلاص أن يُخفي أحواله واأماله في المسجد ، ولو استطاع أن يدخل المسجد ولا يعرف أحد باعتكافه فهذا أفضل ؛ فالله تعالى يُحب العبد التقي الخفي .

١٣/ هناك عبادات قد نشغل عنها في سائر العام ، وهذا التفرغ فرصة للقيام بها ومنها :

ادراك تكبيرة الاحرام ، والقراءة ، وتلمس أوقات الإجابة ، وكثرة التضرع والدعاء بين الأذان والإقامة وثلث الليل الآخر ، والاستغفار بالأسحار .

وهذه الأيام فرصة لمعالجة القلوب وإن لم يحصل ذلك فيها فمتى سيحصل .!

ومقصود الشارع أن يُقبل العبد على العبادة برغبة ومحبة ومن يأتيها تكلفاً ينافي ذلك .

١٤/ من الأخطاء نشر الرسائل التي تحدد ليلة القدر في ليلة بعينها ؛ لأنه لا يمكن القطع به ولأن أثره غير محمود ، وهذه الليالي هي أفضل الليالي في العام ولو كانت ليلة القدر في أولها ، فنشر هذه الرسائل يوهن الناس عن العمل الصالح في هذه الليالي .

١٥/ لا يجوز أن يكون الاعتكاف على حساب تضييع الواجبات من القيام على حال الأبوين أو الأهل والأولاد عند الحاجة .

هذه جملة من الأمور التي ينبغي أن نلاحظها ونستشعرها .

( هدي النبي في الاعتكاف )
..

كان النبي صلى الله عليه وسلم ..
إذا اعتكف يمكث في المسجد ، ولا يخرج إلا لحاجة ، وكان يعتني بالنظافة في الاعتكاف فكان يخرج رأسه من المسجد إلى حجرة عائشة فكانت تغسل رأسه وترجله، ويُلحق به التطيب والحلق وغير ذلك .
والذي عليه الجمهور أنه لا يكره شي من ذلك إلا ما يلحق به تلويث المسجد .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم ..

لا يخرج من المسجد لأعمال البر كإعادة المريض وشهود جنازة ، ولا يخرج لحاجة إلا ما لا بد منه ، وربما زارته بعض أزواجه وهو معتكف فتحدثه يسيراً وهذا لا إشكال فيه .

( أحكام الاعتكاف ) ..


لمن يريد اعتكاف العشر الأواخر :

يدخل من غروب ليلة الواحد والعشرين ؛ لأن الليلة تابعة لليوم الذي يليها ، وأما الخروج فيكون بغروب شمس آخر يوم من رمضان ، وهو الأقرب والأرجح وعليه فتوى اللجنة الدائمة للافتاء .

ولا يختص الاعتكاف في رمضان ، فثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف في شوال .

والأقل في الاعتكاف :

الذي يطلق عليه بالاعتكاف وهو ما يسمى بالاعتكاف الجزئي ، كمن يعتكف في النهار فقط أو في الليل .

( أركان الاعتكاف ) ..


المتفق عليها من الجمهور ..

١/ معتكِف :


فلا يكون إلا من مسلم عاقل مميز .
واشترط الجمهور الطهارة من الجنابة ، والحيض والنفاس ، وبالنسبة للمرأه : الإذن من زوجها .

لكن بالنسبة للأولاد أو البنات لو منعهم أبوهم، فينظر إن كان ذلك لحاجة أو لمفسدة يتخوفها عليهم حقيقة أو غالبة فتجب طاعته ، وإن لم يذكر له عذراً فلا يجب عليه أن يطيعه ، فإن استجاب له براً به فهو مأجور .

٢/ المعتكَف فيه :

لابد من المسجد ، وقد نقل الاجماع .

ضابط المسجد :


بعضهم ضيقه جداً فقال المسجد الحرام وهكذا قول من قال بالمسجدين ، وقول من قال بالثلاثة ، إلى قول من قال أنه في كل مسجد ولو لا تقام فيه جماعة ، والأقرب أنه يصح الاعتكاف في المساجد التي تقام فيها جماعة ولو كان يتخلل الاعتكاف جمعة فإن خروجه للجمعة لا يبطل الاعتكاف وعلى هذا جرت فتوي اللجنة اللجنة الدائمة ومن المعاصرين ابن باز وابن عثيمين .

أما المرأه فلأنها لا تجب عليها صلاة الجماعة فيصح اعتكافها في أي مسجد ولو لا تقام فيه صلاة الجماعة كمسجد مهجور فلا اشكال ، بخلاف المصليات التي في البيوت فلا يصح الاعتكاف فيها .

وضابط المسجد :


فيما أعلم لم يرد تحديد من الشارع يرفع الخلاف فيه والذي أعلمه أن ما أحاط بالمسجد من السور فإنه من المسجد واتفق العلماء على صحة الاعتكاف في الأماكن التي أعدت للصلاة ، والجمهور على صحة الاعتكاف في سطح المسجد .

وفناء المسجد والغرف المحيطة به إن كانت داخله في إطار المسجد فالجمهور أنه من المسجد وعليه فتوى اللجنة الدائمة للافتاء ، بخلاف لو كانت مفصولة عن المسجد أو أبوابها للخارج فمثل هذا لا يكون من المسجد .

أفضل المساجد للاعتكاف بعد الثلاثة :


من كان اعتكافه يتخلله جمعة فالأفضل أن يعتكف في جامع ، ثم يتحرى ما يحصل به مقصود الاعتكاف من حضور القلب والاطمئنان للصلاة خلف إمام المسجد وأن يكون المكان مهيئاً للاعتكاف وكلما قل العدد كان ذلك أدعى لحضور القلب والاخلاص ، والأفضل مراعاة ما يعود على ذات العبادة على ما يعود على مكانها .

٣/ النية :


فينبغي أن تُستصحب ، واختلف أهل العلم فيمن نوى الخروج ولم يخرج ، أما من لم ينوي الاعتكاف فلا يكون معتكفاً .

٤/ المكث في المسجد :


ولو طرأ له طارئ من الأمور الضرورية كاحتراق بيته أو نحوه ، فخروج المعتكِف من معتكفه ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

١/ أن يخرج إلى ما ينافي الاعتكاف كمجامعة أهله فيبطل الاعتكاف بذلك .

٢/ أن يخرج لحاجة سواء اشترط أو لم يشترط فهذا لا يُبطل الاعتكاف .

٣/ أن يخرج إلى ما لا حاجة له كزيارة مريض ، فبعض أهل العلم يقول إن اشترط لا يبطل وإن لم يشترط بطل ، وبعض أهل العلم لا يصحح الاشتراط ولا يجيزه ، وعلى كل حال أقول لمن اشترط وخرج لما اشترط ، له أن يستأنف نية جديدة عند الرجوع احتياطاً للعبادة .

*****

خروج المعتكف من أجل إيقاظ أهله للسحور أو للصلاة إن لم يوجد غيره :

جاء في فتوى اللجنة أنه لا يبطل الاعتكاف ولا يؤثر فيه وأن هذا من التواصي على الخير ولو أنه احتاط لكان أفضل لأن هذا الخروج قد يؤثر على اعتكافه .

*****

الواجب ألا يخرج المعتكف من معتكفه إلا لحاجته ولا يخرج لعمله وهو معتكف .

*****

أفتى الشيخ ابن جبرين أن له أن يخرج للاغتسال للتنظف إن كان من عادته ذلك ولا يطيل .

( تغيير مكان الاعتكاف ) ..

له حالان ..

١/ أن يكون قد خرج لعذر من أعذاره كالأكل وغيره ، فله أن يغير المسجد .

٢/ أن يكون قد خرج لأجل أن يذهب إلى مسجد آخر ، فهذا يقطع اعتكافه ولا يضيع أجره ويجب عليه نية جديدة للمسجد الآخر .

*****

لا يشترط الصيام لصحة الاعتكاف ، ولكن الأفضل أن يكون مصاحباً له ، لذلك ذُكر الاعتكاف في آخر آيات الصوم ، والفقهاء يذكرونه في كتب الفقه في آخر كتاب الصيام .

*****

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإرسال الزكاة ، ورد السلام والافتاء لا اشكال فيه ، والتدريس منهم من يقول أن هذا لا اشكال فيه ومنهم من كرهه ، والأفضل أن يكون اشتغاله بنفسه .

*****

استحب بعض أهل العلم كالمالكية ..

أن يأخذ ما يحتاج إليه في اعتكافه ؛ لكي لا يحتاج للخروج .

*****

ويباح له الأكل والشرب في المسجد والنوم ، وأن يلزم بقعة بعينها في المسجد ، وأن يزور ويعود المريض في المسجد ، والصلاة على الجنازة التي تكون في المسجد، والحديث الخفيف ، والاتصال بالهاتف إذا كان يسيراً .

*****

( المنهي عنه في الاعتكاف ) ..

كل ما يتنافي مع حرمة المسجد أو يخل بمقصود الاعتكاف فهو منهي عنه ، كالخروج بلا حاجة ، واحضار سلعة في المسجد للبيع ، وكره الحنابلة اقراء القرآن وتعليم العلم حال الاعتكاف ، ولهذا قال القرطبي : يكره الدخول فيه ( أي: في الاعتكاف ) لمن يخاف عليه العجز عن الوفاء بحقوقه .

*****

والاتصال من داخل المسجد لطلب الطعام من الخارج لا بأس به ؛ لأنه يحقق مقصود الشارع من المكث في المسجد وعدم الخروج منه وهو أخف من الخروج لإحضاره .

( مبطلات الاعتكاف )


الجماع بالاتفاق ، والاحتلام لا يبطله ، والاستمناء يبطله عند الجمهور ؛ لأنه منافي لمقصود الاعتكاف ، أما الحيض والنفاس ، فلا تدخل المرأة المعتكف وهي على هذه الحال ، ولذلك قال الجمهور : أنه إذا أصابها شيء من ذلك وهي معتكفه فإنها تخرج إلى بيتها حتى تطهر ثم ترجع بنيتها الأولى .

( قضاء الاعتكاف ) ..


الاعتكاف المستحب لا يجب قضاءه على الأرجح ، ويجوز قطعه والمواصلة أفضل .

والاعتكاف الواجب كنذر ، يجب قضاءه إذا قطعه .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

شهر رمضان

  • استقبال رمضان
  • يوم في رمضان
  • رمضان شهر التغيير
  • أفكار دعوية
  • أحكام فقهية
  • رسائل رمضانية
  • المرأة في رمضان
  • سلوكيات خاطئة
  • فتاوى رمضانية
  • دروس علمية
  • رمضان والصحة
  • الهتافات المنبرية
  • العشر الأواخر
  • بطاقات رمضانية
  • المكتبة الرمضانية
  • وداعاً رمضان
  • الصفحة الرئيسية